سيف الله المسلول

دخل أبو الدرداء على خالد بن الوليد وهو على فراش الموت..
فقال له خالد:
يا أبا الدرداء، لئن مات عُمـر ، لترين أمورًا تنكرها..
فقال أبو الدرداء: وأنا -والله- أرى ذلك،

فقال خالد: قد وجدت عليه في نفسي في أمور لما تدبرتها في مرضي هذا عرفت أن عُمـر كان يريد الله بكل ما فعل.

كنت وجدتُ عليه في نفسي حين بَعَثَ إليّ من يقاسمني مالـي، حتى أخذ فرد نعل وأخذت فرد نعل، ولكنه فعل ذلك بغيري من أهل السابقة، وممن شهد بدرًا، وكان يُغلظ علي، وكانت غِلظَته على غيري نحوًا من غِلظَته علي، وكنت أدل عليه بقرابتي، فرأيته لا يُبالـي قريبًا ولا لوم لائم في غير الله.

عزلني ثم بلغني أنه عزل من هو خيرا مني؛ خال رسول الله سـعد بن أبي وقاص فذهب عني ما كنت أجده عليه، وما اختلفنا إلا على الرأي والنظر.

إذا أنا مِتُ فأبلغوا أمير المؤمنين أني جَعلت وصيتي وتِركتي وبناتي وإنفاذ عهدي إليه.

وكان نائمًا فقال أوقفوني ثم قال:

ما من عمل أرجى عندي بعد لا إله إلا الله، من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين، بتّها وأنا متترس والسماء تنهل عليَّ، وأنا أنتظر الصبح حتى أُغـير على الكُفـار، ولقد شهدت كذا وكذا زحفـا، وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجُبناء.

قال عمر بن الخطاب حين بلغـه وفاة خالد رضي الله عن الجميع:
“قد ثُلم في الإسلام ثلمة لا تُرْتَق، ثم ظل يكرر: إنا لله وإنا إليه راجعون..
ونكَّس رأسه حُزنا وأكثر الترحم عليه وقال: “كان والله سدَّادًا لنحور العدو، ميمون النقيبة، حُق لنساء بني مخزوم أن تبكي، على مثل خالد تبكي البواكي.”

وقد قال العلماء لفتة جميلة عن وفاة خالد بن الوليد وفاة طبيعة فقالوا:

لم يُهزم خالد في حرب قَط، لا في الجاهلية ولا الإسلام، ولا يصح أن يموت مقتولا، لأنه سيف الله، وسيف الله لا يُكسر أبدًا.

المصدر:
-طبقات ابن سعد
-سير أعلام النبلاء لـ الذهبي
الكامل في التاريخ لـ ابن الأثير.