نشر المرأة صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي …

الحمد لله ، وصلاة وتسليما على رسول الله …

1- خطابي موجه لطالبات العلم الشرعي بالدرجة الأولى ، ثم للقابضات على دينهن في زمن الغربة ، الملتزمات باللباس الشرعي بالمجمل ، وإن كان فيه ما فيه … ولا أظن غيرهن يفهم ما أكتب … ولذلك حرصت على الجمع بين الاختصار والوضوح …

2- حديثي مقتصر على نشر صورها على المواقع ووسائل التواصل الاجتماعي ، وليس عن حكم كشف الوجه …

3- محزن هذا الأمر ، حتى عند بعض الرجال الذين أعطاهم الله الجمال ، فيتباهون بجمالهم بنشر صورهم الفاتنة القاتلة للنساء … ثم تراهم ينشرون صورهم في المسابح بعوراتهم ، مثبتين سذاجة عقولهم واضمحلال تفكيرهم … والله المستعان …

4- الأخوات الصالحات : صوركن المنشورة يراها البر والفاجر ، فلا تفترضن براءة قلوب الناظرين إليكن ، فغالبهم لا يملك نفسه عن سوء الفكرة والإيذاء …

5- ربما تقول : أنا أصلا أخرج ويراني جميع الناس … قلت : الأصل أن يكون خروجك من بيتك للحاجة كطلب علم أو شراء ما تحتاجينه أو غير ذلك … وخروجك يكون منضبطا بضوابط الشرع فيما يتعلق باللباس وكشف الوجه … والنقطة التالية تبين شيئا من ذلك …

6- أما عند الشافعية والحنابلة فوجه المرأة عورة لا يجوز كشفه وتأثم من فعلت ذلك ، سواء كان ثمة فتنة أو لا … وأجاز ذلك الحنفية والمالكية إذا لم تكن ثمة فتنة … ولا أظن زماننا إلا زمن فتن زلت فيه أقدام كثير من الصالحين فضلا عن الطالحين والله المستعان وعليه التكلان …
قال الغزالي رحمه الله في “إحياء علوم الدين” ( 2/53 ) : ” لم يزل الرجال على ممر الأزمان مكشوفي الوجوه ، والنساء يخرجن متنقبات ” . وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في “فتح الباري” ( 9/ 424): ” ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب ” …

7- الخروج بزينة الوجه مما تعلمه النساء وتحتال له ، مما لا يرضاه الشرع ، فقد قال ربنا :” ولا يبدين زينتهن …” …

8- وتذكروا أن الأصل في المرأة الحياء والستر ، وهذا أصل معتبر دلت عليه عشرات النصوص الشرعية الصحيحة الصريحة … ولذلك تتوسط المرأة النساء إذا كانت إماما بهن ولا تقف في صف وحدها ، ولا تتعطر أمام الرجال الأجانب ، ولاتسافر إلا مع محرم ، وغير ذلك ، فتأملوا …

9- أنت تقدمين مادة لأهل الفجور الذي يتصيدون مثل هذه الصور ليتلاعبوا بها ، وينشروها على طريقتهم ، ويحصل بعدها ما يحصل … قال ربنا لخير نساء :” ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ” … قلت : فكيف بنشر الصور …

10- لا تقولي : أنا كبيرة ومتزوجة ، أو شكلي غير جميل ، فلكل ساقطة لاقطة ، والذئاب لا ترحم …

11- كم من فتاة لو رجع بها الزمان ما نشرت صورة واحدة لها … وكم من فتاة فرحت أول ما نشرت صورتها بإطراء الآخرين وثنائهم عليها ، ثم استُدرجت من حيث لا تدري ، حتى مات قلبها ، وخلا من تعظيم الله وحبه … وها هي تصارع الوقت ، وتخشى الفضيحة …

12- غالب من استدرجهن شياطين الإنس والجن وأوقعهن ، كانت الواحدة منهن تزعم أنها واثقة من نفسها ، وتعلم متى تضع حدا للآخر … ولكنها بعد مدة دخلت في حالة سكرة أقفلت عقلها ، وجعلتها سلعة في يد الآخر ، حتى إذا انتهت صلاحيتها ، رماها كالزبالة أجلكن الله ورفع قدركن …

13- وقد رأينا من أرسلت إليه صورتها بدون حجاب ، استجابة لطلبه لأنه يريد أن يخطبها … وهذا على الغالب كاذب لص ذئب مخادع يأتي البيوت من ظهورها … وقد يكون صادقا لكنه أخطأ الطريق …

14- نحتاج إلى نوع صراحة مع أنفسنا ، لنقرر أن خلف نشر صورنا على مواقع التواصل شهوة خفية في نفوسكن … تنتظرن إطراء الغير ومدحه لكن ، وتضعن ذلك في قوالب تزين سوء العمل … أدرك كم تحبين مدح الناس لك وثناءهم عليك ، وكم تحبين الجمال والزينة … ولكن ” وما عند الله خير وأبقى ” … ثم إن الشرع أوجد مساحة فقهية طيبة لإظهار المرأة زينتها ، لا تخفى عليكن …

15- هناك آيات جاءت بأحكام شرعية معللة ، وعلتها ليست قاصرة بل متعدية ، فتأملوا مثلا قول الله تعالى في سورة الأحزاب :” وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ …”.

هل تعلمون أن هذه الآية نزلت في حق أطهر نساء وأطهر رجال ، نزلت في حق نساء النبي صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ، اللواتي قد يأتيهن من الصحابة من يسألهن شيئا مما يحتاجه من أمور الدنيا ، فيأتي التوجيه بعدم كشفهن لوجوههن أمامهم للحفاظ على طهر القلب ونقائه . قال ابن عطية في تفسيره : وقوله :” ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ” يريد من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النّساء ، وللنساء في أمر الرجال …

قلت : إذا نزل مثل هذا الأمر في حق الصحابة ، فكيف برجال هذه الزمان الذين أحاطت الشهوات بقلوبهم وعقولهم !!! وهذا هو مسلك الْإِيمَاءِ وَالتَّنْبِيهِ على العلة التي بها يتعدى الحكم ولا يكون قاصرا …

16- بل تأملوا قول الله تعالى في سورة الأحزاب :” يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا ” … أرجو قراءتها مرة أخرى ، وتأملوا كيف يفرح أصحاب القلوب المريضة بصوركن …

17- قال الله تعالى في سورة النور :” وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ” سبحان الله : أيهما أعظم فتنة !!!

18- روى البخاري في “صحيحه” كتاب: التفسير، سورة النور باب :{ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } عن عائشة رضي الله عنها قالت :” يرحم الله نساء المهاجرات الأول ؛ لما أنزل الله { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } شققن مروطهن فاختمرن بها “. قال ابن حجر في “الفتح” 8/ 490 في شرح هذا الحديث: قوله :” فاختمرن ، أي : غطين وجوههن … “

19- إلى الأخت التي تتصور بنقابها : نص بعض العلماء على حرمة النظر إلى المنتقبة التي يبدو منها العينان والمحاجر ، فقد قال العلامة الرملي الشافعي :” حرم النظر إلى المنتقبة التي لا يبين منها غير عينيها ومحاجرها ، ولا سيما إذا كانت جميلة ، فكم في المحاجر من خناجر ” …قلت : تنزهك عن مثل هذا أبرأ لدينك ، فالزمي …

20- قد تقول : قد أحتاج لكشف وجهي للطيب أو الخاطب أو للشهادة ، ثم إن صورتي في الهوية وجواز السفر وغير ذلك مما له ضرورة … قلت : الاستثناء يبقى استثناء ولا يعود على الأصل بالبطلان … فالصورة فيما ذكرت للضرورة فقط … وليس في نشر صورتك على المواقع ضرورة تذكر …

21- وقد رأيت من حيل الشياطين وتلاعبهم ، ما تعمد إليه بعضهن من نشر صورها وهي صغيرة مشتهاة بدون حجاب ( في سن السادسة أو السابعة إلى ما قبل البلوغ ) … أقول : المشكلة أنها نشرت صورتها وهي صغيرة يشتهيها الرجال … ظهرت فيها بعض علامات البلوغ … لا بد لأهلها أن يعودوها على الستر والحياء لئلا يفوتهم قطار ذلك إذا كبرت …

22- ومن عجائب الحيل كذلك : ما تعمد إله بعضهن من نشر صورة لفتاة غيرها ، أجمل منها أو كجمالها … تظن أنها بذلك تحتاط لنفسها … وما تفعله يدل على أمراض خفية تسللت إلى قلبها ، شعرت أو لم تشعر …

23- سكوت الرجال من محارمك من زوج وأب وأخ عن ذلك لا يدل على صحته ، فأنت مسؤولة عن فعلك غدا بين يدي الرب ، وهم مسؤولون ، ولا تزر وازرة وزر أخرى …

24- طبعا أنا لم أتكلم عن تصوير الأعراس ، والفيديوهات فيها ، مع أنني أعلم أنكم تحرصون على تضييق دائرتها … ولكن السعيد من نجا من الخدوش والله الموفق …

25- تتبعوا حال من يدعو المرأة إلى كشف وجهها ، ويجاهر بذلك ، ويلبس كلامه ثوب الدين … غالبا :

أ- إما منافق عرفنا حقده على الدين من لحن قوله …
ب- أو جاهل غير متخصص بعلوم الشرعية ، بل متسلق متطفل …
ج- أو عنده شيء من العلم ، ولكنه أخطأ الطريق …

أخيرا … ليست لي بضاعة مما ذكرت إلا استشعار مسؤولية معلقة في العنق ، تختص بأمهاتنا وأزواجنا وأخواتنا وبناتنا ، نرجو مما ذكرنا أن يكرمنا الله ويجمعنا معهن في جنات النعيم …

المرأة المسلمة المؤمنة … صاحبة الحياء الشرعي … السباقة إلى مرضاة ربها … تاج على رأس كل واحد منا ، وهي ملكة لا نملك إلا أن نرفع لها قبعاتنا إكراما واحتارما ، في زمن كثرت فيه الساقطات …
ثبتكن ربي يا حفيدات خديجة وعائشة وحفصة …